سورية فن موزاييك سوري يستحضر ثقافة طريق الحرير الموسيقية على مسرح قصر الثقافة بحمص

موزاييك سوري يستحضر ثقافة طريق الحرير الموسيقية على مسرح قصر الثقافة بحمص 
لم يكن طريق الحرير مجرد جسر مسار لقوافل تجارية تجوب قارات العالم القديم آسيا وأفريقيا وأوروبا عبر قرون بل شكل جسر عبور لثقافات وحضارات لها عمقها التاريخي الضارب في أعماق الذاكرة الإنسانية تبادلت كل اشكال المعرفة ما يزال تأثيره حاضرا في كافة النواحي الثقافية.
عبر 17 مقطوعة موسيقية أعادت فرقة موزاييك إحياء طريق الحرير ،في حفل موسيقى محترف جمع ما بين الموسيقى الشرقية والغربية ، ضمن فعاليات مهرجان الثقافة الموسيقية العشرين لفرع نقابة الفنانين بالتعاون مع مديرية الثقافة بحمص على مسرح دار الثقافة.
رحلة موسيقية لباقة مختارات من الموسيقى الصينية والفارسية واليونانية والإيطالية والفرعونية إلى التراث السوري بألوانه العربية والسريانية والكردية والمصري واللبناني والعراقي ،نقلت فرقة موزاييك الجمهور إلى عوالم فنية أبعد من حدود الزمان والمكان ، لتشكل لوحة متكاملة من وحي طريق الحرير ساهمت الرؤية البصرية بتقديم شرح موسع زاد في شغف الجمهور بمتابعة سير رحلة البطل أرام الذي رافق مسار طريق الحرير في رحلة الحفل الفنية التي جمعت أعمال فنانين عالميين وأغاني تراثية.
جسر ثقافي 
عن إمكانية الموسيقى القدرة على التعبير عن المشروع الثقافي الفكري  الذي شكله طريق الحرير كجسر بين الدول التي مر بها ، يقول الدكتور ماريو بطرس الموزع الموسيقي للعمل " خلال دراستنا للعديد من النماذج الموسيقية أثناء التحضير للعمل وبعد سماع العديد من المقطوعات ، قبل اختيار برنامج الحفل كان هناك شعور بأن ما نستمع إليه فيه من التداخل الشيء الكثير ما بين ثقافات طريق الحرير ،خاصة ما يتعلق بالمناطق المتقاربة كسورية ولبنان وفلسطين أو إيران والعراق وهذا التداخل والتأثر رافقنا عبر مسار طريق الحرير من الصين إلى إيطاليا حمل تأثر ثقافي حضاري ".
وأضاف بطرس " الموسيقى بشكل طبيعي يجب أن تكون في هذا السياق من التأثر الكبير وقد اخترنا الأجمل من وجهة نظرنا والأكثر تعبيراً عن فكرة الحفل كلوحة موسيقية بصرية تروي حكاية مستوحاة من طريق الحرير ".
وعن قدرة مضمون العمل على العرض على مسارح بلدان طريق الحرير يقول بطرس "التمازج الموسيقي بين ثقافات طريق الحرير والخيارات التي تضمنها العرض تعطيه القدرة على إمتاع الجمهور وتقديم أمسية موسيقية ثقافية تلاؤم مختلف الأذواق وفرقة موزاييك لها تجارب عدة بتقديم حفلات في بلدان ضمن طريق الحرير ".
وبحسب ماريو بطرس فإن الفرقة تعتبر مقلة من حيث الكم بالحفلات لإصرارها على تقديم نموذج نوعي غني يحتاج لتحضير وتدريب كبيرين ويقول " العمل أخذ تحضير حوالس ستة أشهر ما بين تحضيرات نظرية كاستماع وانتقاء المعزوفات إلى تحضير النوطات قبل الدخول بمرحلة التدريبات العملية وهو ما يفرض فواصل طويلة ما بين الأعلام للحفاظ على السوية النوعية ". 
مشروع يجسد انتماء السوريين 
عن المخاطرة التي من الممكن أن تحملها الانتقالات المفاجئة للجمهور من حيث المضمون ضمن الحفل ،يرى الدكتور وسيم بطرس قائد فرقة موزاييك في حديثه لحرمون أن ردود الفعل الأولى لاختبار الخيارات الموسيقية بدأت مع الدائرة الضيقة من المعارف والأصدقاء قبل توسيع الدائرة لتشمل الموسيقيين والفرقة ، وأثناء تنفيذ المشروع وجدنا أن الخيارات تلامس المتلقين وزالت هواجس المخاطرة التي ربما ظهرت في البدايات وتنفيذ البروفات رسم معالم ردود الفعل الأولية للعمل قبل عرضه.
وأضاف بطرس " مشروع موزاييك يعبر عن انتماء شباب سورية بكل انتماءاتهم وتطلعاتهم وهواجسهم ،ويعتبر طريق الحرير من أهم أعمال الفرقة التي اعتمدت على فكرة إنجاز مشروع فيه شيء من العالمية دون أن نكتفي بالموسيقى العربية ، فكرة طريق الحريق كرابط ثقافي فني فكري موسيقي بتوزيع أوكسترالي وسيناريو،يركز على سورية بأهميتها كميناء طريق الحرير تاريخياً والتي عرفت أول نوطة موسيقية.
يحسب للعمل تقديم الأصوات البشرية بطريقة أظهرت إمكانياتهم الصوتية بشكل واضح عبر أغاني بلغات تنوعت ما بين اللغة المصرية القديمة إلى التركية والكردية والسريانية ،وحول هذه النقطة يقول بطرس " من أهم الأفكار التي نبحث عنها بالفرقة أن نقدم شيء بعيد عن النمطية وحتى لو قدمنا أعمال مقدمة مسبقاً أن تحمل بصمة وهوية موزاييك بتوزيع خاص كأنشودة إيزيز التي أخذت ضجة في نقل المومياء في مصر كان مهم أن يقدم بأصوات سورية ".
مشروع موسيقي فكري 
يشير الفنان زيناتي قدسية لما لمسه في العمل من حوار ثقافي على خشبة المسرح ويقول " فاجأتني الفرقة على المسرح فطموحي أن تتحول الموسيقى من مجرد استماع يهيج فينا الرغبات والنزعات ، إلى استمتاع وتألق بمنتوج ثقافي عالي المستوى ،ومخطط العمل يحمل جرعة ثقافية عالية المستوى تحسب للفرقة ،فأن تنطلق بالموسيقى من الصين لتصل إلى دمشق ضمن بانوراما تحاكي الاختلاف والغنى الثقافي والفكري لشعوب الدول ليس بالأمر السهل" وأضاف "خلال الحفل كنا نحاور هذا الاختلاف ونعيش هذا التنوع دون الحاجة إلى لغات بل عبر الموسيقى فقط ،وهذه قضية بغاية الأهمية ويصب في خانة مواجهة ما يتعرض له الشباب السوري من محاولة إغراق بقشور الأشياء في الفن والموسيقى ،واعتقد أن هذا العمل جزء من مشروع مواجهة ثقافية بصناعة شبابية قدم موسيقى متنوعة تخاطب إحساس المتابع السوري بشكل جيد بحيث يشعر بالانتماء لها عبر قاسم مشترك يربطه بها ".
بدوره أكد الفنان أمين رومية رئيس فرع نقابة الفنانين بحمص أن ما يميز مهرجان الموسيقى في حمص تقديم كل أنماط الموسيقى القديمة والجديدة والجيدة حصراً وأضاف " نفسح المجال أمام كل ما يملك مشروع جيد أن يقدمه للجمهور وفرقة موزاييك قدمت مجموعة من الأعمال العالمية التي أمتعت الجمهور، ونحن بحاجة لهذه الألوان ،وأن نتعاطى معها بما يشكل تراكم لدى الموسيقي يمكن أن ينتج موسيقى جديدة ليست بعيدة عن الموسيقى العربية والمزيج من الموسيقى الغربية والشرقية حيث قدمت مشروع تعاطى مع الجمهور بشكل راقي عبر تقديم موسيقى صينية وفارسية ويونانية وعربية بالتعاون مع فرقة احتوت كل مقومات التخت الشرقي والآلات الغربية بتوليفة راقية.

 

تأسست فرقة موزاييك عام ٢٠١٢ وتضمُّ ٥٠ عازفاً وعازفةً وكورال من فئات عمرية مختلفة يحملون شهادات عليا بينهم أساتذة في المعهد العالي وكلية الموسيقى وأطباء ومهندسين وشاركت الفرقة بمهرجانات محلية كالقلعة والوادي ومرمريتا ومهرجان الثقافة الموسيقية بنسختيه 18- 19 وعالمية أقدم مهرجان جاز بأوروبا 2017 برومانيا ومثلت الفرقة سورية بمهرجان السفارات في رومانيا 2019.

2022-10-25 15:14:31
عدد القراءت (28359)