
حرب الغرب " المستنسخة" في أوكرانيا !
- برغم كل ما يقدم عليه الغرب "المتأمرك" في شرق أوروبا فإن ضيق الخيارات هو سيد الموقف حتى الآن في التصعيد العسكري الحاصل هناك ، و هو ما يجد نفسه فيه الغرب بمجمل معسكره المضاد لروسيا و المتعسكر بلبوس سياسي و باطنه عسكري بحت تحت وقع حرق الذات أولا ، فروسيا التي بدأت عملية عسكرية خاصة في يوم عيد الجيش الروسي في 23/شباط فبراير المنصرم كانت قد درست جميع المواقف و الإحتمالات المضادة و كيفية التعامل معها خطوة بخطوة في معركة الحفاظ على المحيط الجيوسياسي الروسي و ضمان الأمن القومي البالغ الأهمية ، و هو ما يثبت التقدم الروسي المدروس في أوكرانيا في مقابل القوات الأوكرانية التي باتت منخرطة بشكل كبير في وحل ما يستجلبه الغرب من فصائل إرهابية و دعم لوجستي عسكري و إستخباراتي لشرق أوروبا و تحشيد هائل للسلاح و المال و المرتزقة ، حيث يمكث الغرب في قلب الحدث الذي فضح طريقة تعامله مع العملية الروسية إن كان لجهة الطرق التي يتبعها أو لجهة تطعيم ساحة المعركة التي بدت واضحة فيها رجوح كفة ميزان القوة الروسية و إمكانية تحقيق الهدف بمختلف طرق التدخل المباشر و غير المباشر ، فالناظر لساحة كييف يرى بوضوح ما يجري من إستنساخ لساحة سورية على مدى أكثر من عقد من الحرب عليها مع بعض الفوارق التي تمنى بها ساحة اوكرانيا في الجغرافيا و الديمرغرافيا المتواجدة هناك لقربها حدوديا من أوروبا الشرقية و عدم الحاجة لتزويد ساحة اوكرانيا بمرتزقة يحملون جوازات سفر أو يحتاجون لوسائل نقل عبر الحدود ، فقد أمر الرئيس زيليسنكي بفك السجون و تفريغها من السجناء لزجهم في المعركة ضد روسيا و إستقدام عناصر من الشرق الأوسط و تركيا و ليبيا و غيرها من بلدان الصراع مع الغرب ، ناهيك عن توزيع السلاح على المدنيين و الذي بلغ بحدود 70 ألف قطعة سلاح بغضون أربع و عشرون ساعة لجعل معركة كييف معركة تشبه المسرح في سوريا و حرب شوارع تؤدي إلى إستنزاف الجيش الروسي في الأزقة و من الأسطح و في الأنفاق ، وهي طريقة عهدتها الحرب على سوريا منذ بداياتها في عام 2011 و تطبيق لطريقة التشتيت الذي مارسته المجموعات المسلحة الأرهابية في مدن ريف دمشق و حلب و دير الزور و غيرها من بلدات إدلب و ريف اللاذقية ، فالعارف بطبيعة الحرب على سوريا لا يحتاج لرفع البصمات في أوكرانيا و لا يحتاج لدليل لمعرفة طرق الغرب المتصهين في سوق حروبه و طريقة التدخل في برك الصراع ، لا بل بدت الساحة الأوكرانية أشبه بما شهدته ساحات درعا و الغوطة الشرقية و غيرها من بؤر التسلح و التنظيم الإرهابي في سوريا ، فالجيش الروسي شهد الصراع في سوريا بكل الطرق و بمختلف صنوف الأسلحة وبات على دراية تامة بكل الطرق التي تنتهجها تلك الأنواع من المرتزقة و تتعامل بها ، فليس من الغريب أن يستتبع الصراع مع الغرب ذلك النهج و هو الباحث منذ العام 2014 عن طريقة مهما كانت لمعاقبة روسيا بعد إنضمام شبه جزيرة القرم لها و بدء زرع التوتر في إقليم دونباس و محاولة تحريك التوترات الأطلسية في حدود روسيا الغربية و محاولات الزج بما وصفتهم القيادة الروسية "بالنازيين" في تحريك الساحة في أوكرانيا ، فالتشابه بين ساحة الصراع في سوريا و اوكرانيا كبير ، و التناغم الدولي و التحشيد على كل الصعد ضد موسكو تشابه كثيرا مع الحرب على سوريا ، حتى بدت واضحة بصمات الدول التي ما تزال تحارب سوريا في معركة اوكرانيا من تركيا الى الكيان الصهيوني الى دول الإتحاد الأوروبي و في قلبها واشنطن ، و هو بالعمق إمتداد لذات الصراع في سوريا و العراق و إستكمال للحرب المضمرة ضد إيران و الصين و غيرها من الدول المناوئة لواشنطن منذ عقود ، فالغرب يستخدم الصراع البديل أو الوكيل بأغلب حروبه الحالية و هو ما يفسر التراجع عن زج القوات العسكرية الأوروبية و الأمريكية في معركة شرق أوروبا و التي تراجعت فيها عن القدوم العسكري كل الدول التي دعمت نظام زيليسنكي سابقا ، و لم تقدم أي من الدول الغربية على إستقدام قوات نظامية مسلحة في ساحة اوكرانيا لعلمها بأن تلك القوات غير قادرة على الوقوف في وجه الجيش الروسي على أرضه أولا ، و لعلمها بأن اوكرانيا ستكون مقبرة لتلك الجيوش فيما إذا أتت للمشاركة في أي عمل عسكري مباشر في أوكرانيا ثانيا ، و حينها سوف تكون الردود الروسية على هكذا خطوة مختلفة تماما عما يحصل اليوم في التقدم العسكري نحو كييف ، فالغرب المتشنج يعلم كفاية بأن ساحة اوكرانيا تختلف كليا عن التواجد في سوريا و العراق و أفغانستان و اليمن ، و هو لا يجد بدا من إستنساخ بعض هذه الساحات في الصراع مع روسيا حتى يتبين الخيط الأبيض من الأسود في حرب تعد لها الفرق الغربية منذ الحرب العالمية الثانية و تجهز لها الساحات و الشخصيات ، و ترمي بكل طرق التوتير لمحاولة البقاء كقطب أوحد في العالم لإبقاء المعسكر الغربي مسيطرا ، و الذي غيرت فيه موسكو قواعد الإشتباك و أسقطت القطبية الواحدة و ترسم مجددا المسرح الدولي الجيوسياسي الجديد بقلم الرئيس فلاديمير بوتين و الجناح العسكري الروسي المتقدم .