
تحسن طفيف طرأ على تصنيف جامعة دمشق وفقاً لموقع"Webometrics " العالمي، لكن الواقع العلمي للجامعات السورية بشكل عام ينذر بأيام قد تأخذ تصنيف جامعة دمشق العريقة والتي تعد من أقدم الجامعات العربية إلى مكان أسوأ وفق التصنيفات العالمية، لاسيما بعد أن بدأت أجراس الإنذار ترن معلنة قرب حدوث تفريغ شبه كامل للهيئة التدريسية.
العديد من الأقسام في كليات جامعة دمشق وغيرها من الجامعات السورية خالية من أي عضو هيئة تدريسية، أو حتى من أي بحث علمي يرتبط مع سوق العمل أو أن يستطيع دعمه.
250 نقطة!!
عميد كلية الإعلام في جامعة دمشق د.محمد العمر يؤكد لوكالة أنباء آسيا أن تحسن التصنيف حسب الموقع العالمي دليل أن هناك تحسن بأداء الجامعات السورية ومخرجاتها، والتصنيف الأخير للموقع يشير إلى تحسن تصنيف جامعة دمشق 250 نقطة عن التصنيف السابق قبل ستة أشهر، كما يوضح.
ويشير العمر إلى أنه من الطبيعي أن تتراجع الجامعات السورية نتيجة الحرب وخروج الكثير من أساتذة الجامعة خارج البلاد، ومن الطبيعي اليوم ومع عودة الحياة أن تعود للتحسن تدريجياً .
تصنيف مُخجل
في المقابل يرى الدكتور مهند نصرة من جامعة تشرين، أن تصنيفنا مُخجل بين الجامعات العالمية، فجامعة عريقة كجامعة دمشق، والتي كانت من أولى الجامعات التي تأسست في الوطن العربي، من المفترض أن يكون تصنيفها أكثر تقدما بكثير مما نراه اليوم إذا ما اعتبرنا أننا من ضمن الدول التي يجب أن تنافس على الترتيب، لكن الواقع هو أن ترتيبها العالمي كان منذ 6 أشهر خمسة آلاف وأكثر واليوم مانشهده أمر مؤقت سيتغير مع النشرة القادمة، لأن هذه التقييمات أصلا غير دقيقة وتخضع لتجاذبات تحركها بعض الدول ليبقى السؤال الأهم: هل معايير التقييم تخضع للنزاهة حقاً، وهل المعايير المعتمدة تعطي تقييماً حقيقياً لتصنيف الجامعات؟
ويحذر نصرة من احتمال ازدياد مستوى التراجع كثيرا خلال السنوات القادمة إذا لم يتم وضع حد للتسرب الكبير في كوادر الهيئات التدريسية، والذي ينذر بخطر حقيقي ستواجهه الجامعات السورية، مشيراً إلى أنه وحسب تصريحات وزارة التعليم العالي فإن 2000 معيد خرجوا بإيفاد خارجي رسمي كان من المفترض أن يعودوا ليدرسوا ويغنوا البحث العلمي بما تعلموه في الخارج ضمن محافل الجامعات السورية التعليمية، لكنهم للأسف لم يعودا، إضافة إلى تسرّب 20-30% من أعضاء الهيئة التدريسة والذين خرجوا من البلد خلال الحرب، وهؤلاء جميعاً هم خسارة كبيرة لجامعاتنا، فقد نجد أقساماً لاتمتلك الحد الأدنى من أعضاء الهيئة التدريسية فيها، أو ربما تمتلك عضو هيئة واحد أو لاتملك أحداً في بعض الحالات، بينما ينذر الوقت في السنوات القليلة القادمة من خطر خروج جميع أعضاء الهيئة التدريسية لدى بعض الأقسام إلى التقاعد خلال سنوات قلية جدا، أي أننا على أبواب فراغ في الهيئات التدريسية لدى بعض الأقسام نتيجة عدم عودة الموفدين والتسرب من جهة، وعدم إجراء مسابقات جادة بأعداد كافية لترميم النقص خلال سنوات الأزمة السابقة.
وبالعودة لبعض الجامعات السورية، نجد على سبيل المثال أن عدد أعضاء الهيئة التدريسية في قسم هندسة المعادن في جامعة البعث يساوي صفر (0) ، والهندسة الطبية في جامعة تشرين تمتلك عضو هيئة تدريسية أو أثنين..وكذلك اقسام في الطب والعمارة باتت اليوم على أبواب خطر محدق..
إلى جانب أن النسبة الأكبر من أعضاء الهيئة التدريسية حاليا على أبواب التقاعد.
وتشير تقارير إعلامية سابقة إلى أن 70-80 % من أعضاء الهيئة التدريسية في جامعة تشرين على سبيل المثال قطعوا سن 57!
البحث العلمي الترفيهي
من جانب آخر تلعب الأبحاث العلمية وأهميتها ونشرها دولياً، دوراً كبيراً في رفع تصنيف الجامعات، وهذا أيضاً غير متوافر في جامعاتنا .
معاونة وزير التعليم العالي كشفت خلال أحد اللقاءات الإذاعية أن 80 % من الأبحاث العلمية المنجزة في سورية هي أبحاث ترفيهية غير مرتبطة بسوق العمل، أي أن الباحث يقوم بها لرفع درجته التعليمية فقط دون أن يسهم في أي تحسين يذكر على سوق العمل أو المجتمع.
وعلى الرغم من أن لدينا في سورية عدد كبير من الأبحاث العلمية المنجزة والتي تفوق مثلا عدد مثيلاتها ربما في إيران، إلا أننا لم نستطع توظيفها أو الاستفادة منها، لأنها أصلا لم تنجز لحل مشكلة مطروحة أو بالاتفاق مع جهة معينة لتكون قابلة للترجمة على الأرض.
وعلى الرغم من أن الحكومة خصصت مؤخراً ملايين الليرات السورية لدعم عدد من الأبحاث، إلا أننا لم نجد نتائج تلك الأبحاث على الأرض حتى الآن.
ويشتكي الباحثون في سورية عموما من عدم وجود دعم مادي أومعنوي لإتمام أبحاثهم، فبدلاً من أن تكون متبناة من قبل جهة ما ولحل مشكلة ما، تكون هذه الأبحاث عشوائية تقريباً.
وفوق ذلك إذا أراد طالبٌ ما أن يسجل على بحثٍ لنيل شهادة الدكتوراه وهو موظف، يتم إجباره على أخذ إجازة بلا أجر، فكيف له أن يصرف على بحثه من نفقته الشخصية وهو لا يتقاضى حتى راتبه؟! .
موقع الجامعة الالكتروني
وبالعودة إلى التحسن الطفيف لتصنيف جامعة دمشق، يقول العمر إن الموقع الالكتروني للجامعة له دور في التحسن، لأنه يرفع من سوية الجامعة من خلال عملية الدخول للموقع وعدد الزوار وغير ذلك، لافتاً إلى أن العمل جارٍ منذ عامين لتطوير هذا الموقع ليكون الدخول اليه سهلاً ويعطي معلومات مفيدة للطالب أو المراجع، لافتاً إلى أنه ولرفع التصنيف بشكل حقيقي يجب الاهتمام بالعملية التدريسية والبحث العلمي وأساتذة الجامعة من الجوانب المادية والعلمية والبحثية.
ويضيف: يجب أيضاً رفد الجامعة بكوادر جديدة للهيئات التدريسية، كاشفاً أنه وخلال شهر ستعلن الوزارة عن تعيين أعضاء هيئة تدريسية لترميم ما تسرب ، وحالياً يتم العمل على تأهيل طلاب الدراسات ليكونوا قادرين على ملء الشواغر .
مسقبل مقلق..
في ظل تهديد كبير بفروغ الكودار وتسربها، يتساءل طلاب جامعيون وطلاب الدراسات العليا: من سيشرف على الأبحاث العلمية مستقبلاً، وكيف سيكون البحث العلمي أو حتى تصنيف الجامعات السورية، لاسيما مع قلة الدعم ونقص الإمكانيات؟!