جريدة البناء الجيوسياسية الجديدة بقلم فاديا مطر

الجيوسياسية الجديدة ... وتغيرات تدفق شرايين الطاقة العالمية ! .. منذ ساعة الصفر الروسية التي فرضت تحولات عالمية كبيرة و السباق مع الوقت جارٍ نحو التضاؤل ، فالحرب الغربية على روسيا فشلت حتى اللحظة بالإضرار المطلوب أمريكياً و أوروبياً بالقدر الكافي ، حيث لم ينفع الضغط العسكري و لا الإقتصادي و لا السياسي على موسكو في تغيير بوصلة العملية العسكرية أو إيقاف شريان الحياة المالي أو الصناعي أو غيره ، برغم أنه ساد الإعتقاد الغربي بأن تشديد العقوبات على روسيا أنجع من إجراءات جديدة لما يسمونه غربياً سد الثغرات ، لكن القائلون أكثر من الفاعلون بعد ما صرح به رئيس الوزراء البلجيكي لموقع بلومبرغ بأنه بعد أسابيع قليلة سيدخل الإقتصاد الأوروبي مرحلة التوقف و سيكون التعافي أصعب بكثير ، فالحزام العسكري الأمريكي يتطلب من واشنطن وحتى أوروبا تصاعداً دراماتيكياً في ميزانيات وزارة الدفاع نحو أرقام فلكية من مجموع الدخل القومي من دون أن ترافقها مخصصات موازية لباقي القطاعات من الصحة و التعليم و الرعاية الإجتماعية و غيرها ، وهي تذهب للإنفاق السخي على إنتشار واسع للقوات الأمريكية في نحو 800 قاعدة عسكرية في أكثر من 80 دولة حول العالم بحسب الصحافة الغربية ، فقد وقفت الترسانة الأمريكية العسكرية أمام تحديات متعاظمة بعد طلب اوكرانيا  للذخائر التي بدأ مخزونها في المستودعات الأمريكية يُستنزف بصورة مقلقة و خصوصاً ذخائر المدفعية مما يشكل عبئاً كبيراً على آليات و نظم التوريد و دوران مصانع الأسلحة التي تتطلب زمناً ليس متوفراً الآن لإعادة تأهيل المعدات و تشغيلها بحسب ما ذكرته صحيفة وويل ستريت جورنال ، لذلك فإن إجراء تعديلات كبيرة على وضعية القدرات الأمريكية في العدد و إعادة التموضع و الأسلحة النوعية يتطلب وقتاً ليس بقليل ، و هذا بالمقابل كان له رد فعل محسوب بدقة في الحسابات الروسية التي إنتقلت الى التعبئة الجزئية التي إستندت الى ضرورة تغطية ما يقارب من 1000 كم من خطوط الجبهة الجديدة للمناطق التي أجرت إستفتاء للإنضمام الى روسيا الإتحادية في آواخر شهر أيلول الجاري ، و التي يمكن لهذه التعبئة الجزئية ملئ الفراغ كقوات إحتياطية مدربة و فاعلة ، فهذا الإنضمام الى روسيا لكل من دونباس و خيرسون و زابروجيا سيخلق واقع سياسي جديد و يُشكل نطاق حيطة مع مايهدف في عمقه ، و يُعتبر تحول في نموذج الحرب و قواعد الإشتباك و حتى في الخطوط الحمراء للأمن القومي و السيادة الروسية الجديدة ، لكن المستجد الأكبر يكمن في أن تلك المناطق التي أصبحت روسية لا يمكن التراجع فيها مستقبلاً في عهد أي رئيس روسي قادم طالما تتواجد روسيا الإتحادية كدولة مستقلة ، فقد أكد نائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي ديميتري ميدفيديف بأن الولايات المتحدة و الغرب الجماعي و حلف الناتو سيعرفون أن خوارزمية الحرب بالوكالة قد أصبحت قديمة ، و أن إنضمام المناطق الجديدة لروسيا الإتحادية هو تغير جيوسياسي عبر العالم ، فهناك قواعد مخفية للحرب قد عمل عليها الرئيس بوتين منذ وصوله للسلطة في العام 2000 ، ومنها ترتيب البيت الروسي بعد غبار تسعينيات القرن المنصرم و تنظيم الدخل و الإستهلاك و ملائمة الصناعات العسكرية بالتقنية المتقدمة و تطويرها مع الظروف و التداعيات على كل الصعد ، حيث يتبع الآن هذه الجيوسياسية الجديدة متغيرات على مختلف دول العالم بدأً من أوروبا و ليس،إنتهاءً بالمحيط الهادئ و شرق آسيا و الخليج العربي مع تبدل نُظم الطاقة و الجغرافيا السياسية في تقلبات و متغيرات تدفق شرايين الطاقة العالمية وسط تجاذبات كبيرة ومعقدة تسود القارة الأوروبية في أهم شريان إقتصادي بغد توقف إمدادات الغاز الروسي التي كانت تعتمد عليها ألمانيا حصرياً بنسبة تفوق 55% مما يجعل مرحلة التراجع و الإنكماش الإقتصادي و التضخم الأوروبي تدخل مرحلة الغيبوبة و الغموض في النتائج ، حيث يتم تبديل جريان شرايين الطاقة العالمية في خضم جملة غير مسبوقة من التشدد الغربي نحو عقوبات على روسيا و حتى على حلفائها ، و هو بدوره تحول يسير نحو تفلت العديد من الدول المتحالفة مع واشنطن و أوروبا من ذلك التشدد طبقاً لقراءات مستجدة أرختها العملية العسكرية الروسية في اوكرانيا و قد أفرزت بها موسكو طبقة من المنغمسين في الأجندة الأمريكية و آخرين بدأوا بالقراءات البرغماتية التي تسبق إنشطارهم السياسي و الإقتصادي عن معسكر الغرب ، فتركيا التي باتت تحت الضغط الغربي المكثف قد بدأت تعيد القرأة السياسية و الإقتصادية و حتى العسكرية حالياً في شكل و طبيعة التعامل على ضوء المستجدات ، حيث أصدرت وزارة الخزانة الأمريكية توجيهاتها الصارمة في 15/ أيلول الجاري لل…

2022-09-30
عدد القراءت (649)