


حاوره: سعد الله الخليل
في تعليقه على تطوّرات المباحثات السورية ـ السورية في جنيف، وتعليق وفد «معارضة الرياض» مشاركته فيها، رأى الأستاذ ماجدي البسيوني رئيس تحرير صحيفة «العربي الناصري»، حول محادثات جنيف، أنه منذ «جنيف 1» كانت المسيرة تبدو كسباق من سيفوز دبلوماسياً رغم معرفة النتيجة مسبقاً.
وأضاف في حوار مع «البناء» وشبكة «توب نيوز»، أنّ من يحكم أيّ دبلوماسية هو الجندي الموجود على الأرض. فقبل «جنيف 1» كان يسبق زيارات موفدَي الأمم المتحدة تصعيد عسكري من قبل المجموعات الإرهابية في محاولة لتحصيل أوراق يمكن استثمارها في التسويات، رغم اتضاح أنّ الميدان هو الحكم الفصل في ذلك.
وأشار البسيوني إلى أجندات ما يسمّى «وفد الرياض» قائلاً: «الأتراك أو القطريون والسعوديون رعاة الوفد، يحملون أجندات مشغّليهم، وهي لا تتناسب مع بناء الدولة السورية وبناء الوطن. فهم يريدون قدوم بريمر ليحكم ويتحكم كما حصل في العراق. ولذلك، استشهد المدعو رياض حجاب بالتجربة العراقية في المرحلة الانتقالية».
وتعليقاً على المؤتمر الصحافي الذي عقده رياض حجاب قال البسيوني: «عندما كان في مقام رئاسة الوزراء لم يقدّم مشروع بناء دولة، فكيف وهو خارج هذا السياق؟ لقد ارتأى حجاب أن يكون خادماً للمشروع الصهيو ـ أميركي والفكر التكفيري، ليقول ما يُتلى عليه من قبل مشغّليه. وقد كشف وفد الدولة السورية عن غرف في مقر الاجتماعات يتواجد فيها مستشارون لوفد الرياض يزوّدونهم بالتعليمات ليخرجوا بأقوالهم التي نسمعها».
وشدّد البسيوني على أن مواكبة «وفد الرياض» تصريحات رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو بعدم عودة الجولان، وتصريحات الإرهابي محمد علوش بالعودة إلى القتال، وارتفاع وتيرة الدمار في سورية رغم مساعي الحفاظ على التهدئة، تعود لأمرين: إما عدم الانصياع لأوامرهم وهذا مستحيل، أو أنهم سيعملون خارج أجندة مشغّليهم، وهذا أيضاً مستحيل. وهو ما يعني أنّ الغرب أدرك أن الحلّ في الميدان لا في جنيف ولا الرياض ولا في أيّ عاصمة من عواصم العالم.
ضغوط أميركية
وأشار رئيس تحرير صحيفة «العربي الناصري» إلى أن الولايات المتحدة الأميركية تحاول الحصول على ما لم تحصل عليه في عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد، عبر الضغط والاستمرار في الضغط لإتمام اتفاقيات بين سورية وكيان العدو الصهيوني، عبر إصرار ستيفان دي ميستورا على طرح استعادة الجولان بالوسائل السلمية. وأضاف: هناك نقطة يجب ذكرها، أن لدى سورية تجربتين في ما يتعلق بموضوع السلام مع الكيان الصهيوني، الأولى تجربة الرئيس المصري الأسبق أنور السادات واتفاقية كامب ديفيد التي هي أهم سبب لما يحدث في المنطقة. والتجربة الثانية المفاوضات في عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد وفشلهم في توريط سورية، بسبب إصرار الأسد على ثوابت الدولة والوطن والسيادة، في مقابل ما فرّط به السادات بكل تفاصيل كامب ديفيد، والتي لم تزد مصر سوى الفقر وارتفاع أعداد القتلى على الأرصفة وخروجها من دورها الإقليمي الهام. وجعل العدو يتحكم في مصر ومياه النيل هو بسبب تخلّي مصر عن أفريقيا التي أصابتها في الصميم.
هدف الرياض حلّ الجيش السوري
ورأى بسيوني أن غاية «وفد الرياض» حلّ الجيش العربي السوري وتفكيكه واستهداف مقام الرئاسة السورية، وهو ما لم يستطيعوا تحصيله عبر حرب دامت لخمس سنوات. فهم يريدون إتمام دور «مملكة الرمال» والمشروع التركي في المنطقة والمشروع الأميركي ـ الصهيوني، عبر حلّ الجيش وإزاحة الرئيس بشار الأسد الذي وقف موقف المقاوم وحافَظ على الدولة السورية، وهو ما جعله مستقطباً كلّ قوى المقاومة في العالم. مشيراً إلى أن من يسمّون أنفسهم «معارضة» في ظل حرب على الدولة، هم مجرد «هوس». والكلام الأميركي عن استبدال الوفد المنسحب، إشارة إلى الوفود «المعارضة» بأن يسيروا على الخُطى المرسومة من قبل أميركا.
وأضاف: تصريحات المدعو علوش بامتلاكه 15 مليون صوت في سورية هو من قبيل النكتة والسخرية، فهم لا يعلمون ما يحصل على الأرض.
البسيوني أكّد أن بعض الأسماء سواء من وفد «موسكو» أو «القاهرة» التي ربما تُقبل على مضض لا يستطيع استكمال دوره وهو خارج سورية. لأنه لا يستطيع التواصل مع الجماهير على الأرض. فهذه حقائق لا يمكن إغفالها. دورهم يكمن في المماطلة وإطالة الوقت والاستنزاف، لأنهم يعوّلون على الانتخابات الأميركية بفوز هيلاري كلينتون أو دونالد ترامب اللذين هما من المنبع نفسه، والذي قايض «ترامب» فيها حماية العرش الملكي السعودي بالثمن بصراحة واضحة ولفت إلى أن الولايات المتحدة قائمة على ثلاث أساسات: البترول والمصارف والسلاح. وهي المسوؤلة عن الصرف على مرشح الرئاسة عبر نظام لوبي يدفع بالمرشح المطلوب. وهذا دليل عدم وجود الأزمة المالية الاقتصادية الطاحنة الأميركية قبل عام 2011. وتصريح «مملكة الرمال» اليوم عن إمكانية بيع أميركا الأصول، أمر لا تقبله الولايات المتحدة أبداً، وهو ما استدعى ردّاً رئاسياً أميركياً: «إنكم لا تستطيعون اللعب بالاقتصاد العالمي».
وحول الدور التركي الداعم لـ«جبهة النصرة»، رأى البسيوني أنّ مشاريع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وطروحاته تنقل مع المفكّر الصهيوني برنار هنري ليفي بين عواصم عربية، فهما يحملان مشروعاً واحداً. واليوم لم يبقَ فاعلاً ولو بنسبة ضئيلة إلا في سورية، نظراً إلى الحدود المشتركة. فمشاريع أردوغان منذ سرقة مصانع حلب والاتجار بالبترول مع «داعش» لم تكن نزهة، رغم فشله في تبنّي مشروع «الدولة العثمانية» ونظرية سياسة صفر مشاكل، فقد بدأت النتائج تظهر في الوضع الداخلي المتردّي من تهميش الأكراد وسياسات كمّ الأفواه الصحافية والاعتقالات، وهي كلها أدلة على قرب نهاية أردوغان الحتمية. رغم أن دوره كمُشغّل لدى الأميركيين فرضت عودة العلاقات التركية ـ الصهيونية التي أصبحت واضحة تماماً، وهو من أدخل تركيا في عشّ الدبابير.
وأوضح البسيوني أن الخطاب الديني المعمول به في تركيا يتماشى مع المسلّحين الذين تغلغلوا في الداخل التركي، وبدأت تظهر آثاره. وأضاف: بالنظر إلى أن الغرب الذي دعم هؤلاء المتطرّفين لا يريد عودتهم إليه، بل يريد دهسهم في المكان الذي قدموا إليه، كما أنهم يريدونهم لتحقيق هدف خدمة الكيان الصهيوني وخلط الأوراق الجغرافية للمساحة المقاومة من روسيا إلى جنوب لبنان لإنهاك هذه البلدان تماماً. أما الجزئية الثانية فهي محاولة اللعب مع الأكراد نظراً إلى كونهم يشغلون مساحة ممتدة من الحدود التركية السورية والعراقية وصولاً إلى بوابة إيران، وهذا ما سيبحثون عنه، رغم الانقسام الكردي بين مؤيد للفدرالية وبين متعامل مع الأميركيين، وبين النسبة الكبرى التي تنتهج الاشتراكية وتميل إلى الدولة الروسية. فالأميركيون يحاولون عمل مخطّط حرف «T» ممتداً من الأنبار إلى دير الزور وضمنه الحدود العراقية ـ السورية لإقامة حاجز كردي وقطع الحدود السورية ـ العراقية التي يدّعي الرئيس الأميركي باراك أوباما فيها مدافعته عن السنّة.
لا حروب كبرى
عن مشاريع القوى الإقليمية والدولية في المنطقة ومراميها قال بسيوني: إن إشعال حرب إقليمية في المنطقة أمر لا ترغب فيه القوى الدولية، لعدم تحمّل الاقتصاد العالمي ذلك ولا حتى المصالح الدولية. فترك الملف الإقليمي بيد السعودية أودى بسعر البترول إلى 30 دولار، وإلى حرب طاحنة في اليمن ومن تدعمه في ليبيا. مضيفاً أن السعوديين أصبحوا مشغّلين للمرتزقة وهم يبحثون عن حلّ في اليمن أكثر من اليمنيين لإنهاء هذا الصراع.
وعن الانتخابات التشريعية في سورية قال البسيوني: رغم أن «المعارضة» والأميركيين والفرنسيين عملوا على حضّ الشعب السوري على عدم الاقتراع التشريعي، ورغم الحديث عن عدم الاعتراف الدولي بهذه الانتخابات، فإن ذلك كان حافزاً للشعب السوري للقدوم إلى الانتخابات البرلمانية التي تميّزت عن سابقتها بالزحف الكثيف نحو صناديق الاقتراع. وهذا ما شهدتُه شخصياً لدى أبناء المناطق الساخنة، وهو ما يؤكد انتصار الجيش العربي السوري في الميدان، وهو تأكيد على تحمّل الأمانة التي تقع على عاتق النواب في هذه المرحلة الدقيقة.
الجزر مصرية
في الشأن المصري، وحول ما يثار عن ملكية جزيرتَي صنافير وتيران، والإقرار المصري بتبعيتهما للمملكة العربية السعودية، أكد بسيوني أن ملكية الجزيرتين متضاربة بحسب الآراء والمستندات. فتاريخ قيام مملكة «آل سلول» عام 1932 وبالنظر إلى وثائق عام 1906 بعد انتهاء الاحتلال العثماني لمصر، تجد الجزيرتين مصريتين. وتابع: الاعتراض ليس على الملكية، بل على التوقيت. حتى بثبوت الملكية السعودية لهاتين الجزيرتين، فإن المعركة مع الكيان الصهيوني لم تنته بعد، وطالما بوصلتنا فلسطينية، فإنّ هاتين الجزيرتين مكان استراتيجي، وهو ما فعله عبد الناصر في زمنه رغم الخلاف مع الملك فيصل الذي نادى الأميركيين وقتذاك لإزاحة عبد الناصر. فقد سيطر على الجزيرتين.
وأضاف: الهدف من وراء هذا الإجراء اقتصاديّ. وسيتم عرض القضية أمام مجلس الشعب، وسبب الغضب الحاصل وراء الموضوع ما تفعله السعودية في اليمن وسورية.
ونوّه البسيوني أن الجزيرتين تتبعان للبند «ج» في معاهدة «كامب ديفيد»، أي يُمنع تواجد قوات عسكرية فيهما سوى من الأمم المتحدة. وقال: الإخراج كان سيئاً، والتوقيت كان أسوأ، ومن المنظور السياسي الحاجة السعودية للنزول عن الشجرة أكبر من الحاجة المصرية رغم الخلافات المصرية ـ السعودية في موضوعين هامين هما سورية واليمن. إذ يستحيل تواجد عنصر عسكريّ مصريّ في هذين المكانين رغم إعلان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي دخوله في تحالف السعودية وتحالف واشنطن لمحاربة «داعش» الذي لا يتعدى «طحن بلا دقيق».
وختم بسيوني حواره مع «البناء» و«توب نيوز» بالتأكيد أن الخطر الأكبر من خروج الإرهابيين من سورية باتجاه تركيا، توجّههم إلى الساحل الليبي، وتهديدهم أمن مصر المباشر.